العم مهنى موسي | بوابة الاخبار الالكترونية

«حارس تراث الصعيد».. «العم مهني» يتحدى الزمن بالشعر ويُصدر ديوانه الأول فى عمر السبعين

 قرر العم مهني موسى درياس، المُلقب بـ”أبو هاني” أن يُصدر ديوانه الشعري الأول بعد عمر السبعين، فالرجل الذي أُحيل للمعاش، كان من قدره أن يتحول لظاهرة جميلة في إصرارها على مواصلة حلمها في إصدار يحمل عنوان “رحلة داخل الأيام.

” العم مهني” أب لـ٦ أبناء، ويُلقب بـ”أبو هاني” أكبر أبنائه، وهو محارب شريف من مقاتلي الوطن حيث خاض حربي الاستنزاف وأكتوبر المجيدة، وأحد الذين يحفظون تراث الصعيد، وخاصة تراث حرفة “الفركة”، تلك الحرفة التي تشتهر بها مدينة نقادة جنوب قنا، حيث كانت تصدر “الفركة” قديمًا لإفريقيا لاعتقاد القبائل الأفريقية أنها تجلب البركة.

يقول العم مهني في تصريح لـ”بوابة الأهرام”، إن الأيام أخذته من تحقيق حلمه؛ لذا قرر الإسراع في إصدار ديوانه الشعري الأول، مؤكدًا أنها مجموعة قصائد، حيث أراد أن يتم توثيقها بدلًا من تركها على الورق، مشيرًا إلى أنه كان عليه أن يثقف نفسه ثقافة أدبية من خلال مجهود ذاتي، فارتحل للقاهرة ليجلب الكتب الأدبية من سور الأزبكية، وهى الكتب التي جعلته عاشقًا للكتابة باللغة العربية الفصحى، رغم أنه عاش في زمن كان شعراء الصعيد القدامى ينشدون الشعر في الشوارع كفن “الواو” و”المربعات”، وكذلك المواويل، وهو الفن الذي لم يجربه العم مهني للأسف رغم أنه يعشق سماعه.

“مهما أصابتنا الشظايا فوطنك هو الحب”، هكذا يقول العم مهني في إحدى مقاطعه الشعرية، ويضيف أنه مؤمن بالمدرسة الرومانسية في الشعر والحياة، فلا شعر ولا حياة بدون حب، مؤكدًا أن فرحته بصدور ديوانه كبيرة جدًا، وزادت بفرحة الأدباء الشباب بمنتجه الشعري الذي خرج للحياة بعد هذا العمر، ومطالبتهم بعقد ندوة له في بيوت نوادي الأدب ببيت ثقافة نقادةبعد خروجه على المعاش وبعد زواج الأبناء والبنات.

 كان على العم مهني أن يضرب أروع الأمثلة في الحب والعطاء، فظل  يرعى زوجته المريضة، ترك دكانه الذي كان يقضي فيه وقت فراغه، وكان عليه أن يقبع في منزله يقرأ ويكتب، ثم يجتمع مع أصدقائه الأدباء على المقهى، يشجع أديب شاب، ينشد الشعر، ويروي حكايات وتراث الصعيد الذي لا يعرفه الجيل الحالي.

يؤكد العم مهني أن الصعيد القديم كان أجمل في ترابطه فكافة العائلات تعرف بعضها البعض وتزور بعضها البعض، أما الآن صار الكل يعيش في هاتفه المحمول الكبير قبل الصغير، فالكل يعيش فى هاتفه بسبب التكنولوجيا.

يوضح موسى أن الانعزال والانطواء أصبح سمة بارزة، بسبب التكنولوجيا، وكل شئ تغير، مؤكدًا أنه من الجيل الذي تعلم من خلال الورقة والقلم؛ لذا مازال يكتب على الأوراق، ويضع الخطوط على الكتب، مضيفًا أن ديوانه دفع به لدار نشر كنوز بالقاهرة؛ كي يُصدر وهو يكتب الشعر من خلال تجربته الذاتية، ومن خلال تأثره بالمدرسة الرومانسية بعد حصوله على الشهادة الإعدادية.

التحق العم مهني موسي، بمعهد اللاسلكى، وبعد انتهاء الحرب، تم تعيينه موظفا في هيئة النقل والكباري، إلا إن صلته بالأدب والشعر وتراث الصعيد لم تنقطع يشبه نفسه أنه أشبه براهب، فهو من الأعضاء المؤسسين لنادي الأدب، مؤكدًا أنه من الجيل الذي شهد الجيل العظيم من أهل نقادة الذين كانوا يرتحلون ببضائعهم ومنتجاتهم من “الفركة” في السودان ودول القارة الإفريقية.

 و”الفركة” منتجات أقمشة وشيلان، قبل أن تدخل “الفركة المصرية” في مواجهة مع الخيوط الصينية، مضيفًا أن ذلك الجيل لا يُعوض فهو الجيل الذي جعل في كل منزل بقُري نقادة نول لصناعة وإنتاج “الفركة”، مطالبًا أن يتم تدوين هذا التراث وأن تتم المحافظة عليه، فهي مهنة مصرية عريقة.

لم تكن “الفركة” فقط التي تمتاز بها نقادة، فقد كانت مشهورة بالكتابة على عتب المنازل، حيث يضع البناء والخطاط النقوش والكتابة بالحفر الغائر على أعتاب المنازل، حيث شوارع نقادة وقراها كانت تمتاز بالجمالية العالية، وهى الأماكن التي يحتفظ بها العم موسى فى ذاكرته، حتى الآن.

وأوضح العم مهني موسى أن خروج الإنسان على المعاش ليست نهاية المطاف، وعلى الإنسان أن يؤمن أنه باستطاعته أن يفعل ما يريد فعله، مادام عنده شغف بالحياة، حتى لو كان عليه أن يصدر ديوانًا شعريًا في الصعيد، حيث بعد طباعة هذا الديوان سيتقدم الشاعر مهني موسى للحصول على العضوية العاملة بنادي الأدب ويصبح محاضرًا محليًا في عموم نوادي الأد